الدعوة الفردية عملٌ له أركان، لا بد من وجودها؛ حتى يوجد العمل، ولا بد من تمامها؛ حتى يتمَّ ويكتمل، وانعدام ركن من هذه الأركان، معناه انعدام العمل جملةً، كما أن ضَعْف رُكن منها يؤدي إلى ضَعف العمل وتخلُّفه.
وهذه الأركان هي:
1- الداعية.
2- المدعو.
3- مادة الدعوة.
4- التأثير.
وسوف نتحدَّث عن كل رُكن من هذه الأركان على حِدَة، وبشيء من البسط قليلٍ.
الركن الأول: الداعية:
فإذا لم يكن الداعية موجودًا، فبالطبع لن توجد دعوة، ولا أقصد بوجود الداعية وجودَه الذاتي الحِسي؛ وإنما أقصد وجوده الحركي؛ بمعنى أن يكون الداعية متحركًا، قائمًا بهذا العمل، مهتمًّا به، فقد يوجد بموقع واحد أكثر من فردٍ مُلتزم، ولكن لا تأثيرَ لهم، ولا أثر لوجودهم؛ لأنهم لا يتحرَّكون ولا يعملون.
الركن الثاني: المدعو:
وهو الشخص المستهدَف بالدعوة، ومعنى وجوده أن يكون تحت مِنظار الداعية، وفي أثيره وبثِّه، وتفكيره واهتمامه، وكلما كان المدعو أهلاً لتلقي الدعوة، كان هذا أقربَ إلى تحقيق ما يرمي إليه الداعية من أهداف في دعوته هذا الشخصَ.
الركن الثالث: مادة الدعوة:
وهي معرفة الداعية بما يدعو إليه معرفةً صحيحة، وفَهمه لقضيَّته فهمًا دقيقًا، وأن يكون لديه من العلم والفهم والقدرة على سوْق الأدلة النقليَّة، والحُجج العقلية – ما يستطيع به أن يُوصل هذا الفهم، ويُبلِّغ هذا العلم.
وكلما كان الداعية خصبًا بالنصوص والأدلة، غنيًّا بالمادة العلمية والثقافية النافعة في مجاله الدعوي، كان هذا أدعى لنجاح عمليَّته، وكم من أخ يكلِّم الناس ولكن كلامه لا يحقِّق ثمرة مُعتبرة؛ وذلك بسبب جفافه وفقره، وعدم إدراكه وفَهمه لما يدعو إليه.
الركن الرابع: التأثير:
وهو المَعبَر الذي تنتقل عليه الدعوة من الداعية إلى المدعو، فإذا فقَد الداعية التأثير، لم يكن لدعوته أثرٌ، وكذلك إذا كان المدعو – لأي سبب من الأسباب – غير قابل للتأثُّر، وكلما كان الداعية مؤثرًا، والمدعو قابلاً للتأثُّر، كانت الدعوة ناجحة وفعَّالة ومُجدية، وكم من مسلمٍ دخل في الإسلام لمجرَّد سماع آية من داعية في موقف كان إحساسه فيه حيًّا، وشعوره مُلتهبًا، وعمرُ – رضي الله عنه – أقربُ مثالٍ على ذلك.
هذه هي الأركان، ومعرفتها قاعدة وأصلٌ لمعرفة ما بعدها وما وراءها من عوامل النجاح.