الردّ على “إبراهيم عيسى” وأَضْرَابِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله ربّ العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .. وبعد ..
لم يزل المبطلون منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا يحتاتلون بكلّ شُبْهَة؛ ليضلوا الخلق ويصدوهم عن سبيل الحقّ، ولن يتوقفوا عن سلوكهم هذا حتى يتوقف نبض هذا الكون، فلْيتسلحْ السالك إلى ربّه دائمًا بالعلم العميق والفهم الدقيق، ولْيقفْ لهؤلاء الهالكين بالمرصاد في كلّ وادٍ وناد، ولْيقذفْهم بالحجج الساطعة والبراهين اللامعة؛ ليحقق فيهم وفيما يلقون من شُبَهٍ قولَ الله تعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ)، وليكنْ كتابُ الله رائدَهُ وقائدَهُ في خوض هذه المعارك، ولْيحتسبْ أجرَهُ عند ربّه.
بالأمس أطلّ العدوّ الصيّال بلسانه على أهل الإسلام إبراهيم عيسى، أطلّ علينا من نافذته الإعلامية الوقحة؛ ليعلمنا مكارم الأخلاق، ويزايد على منهج الإسلام في الجهاد المقدس، زاعمًا أنّ العملية التي قام بها الذئبان المنفردان في يافا، والتي أودت بحياة ما لا يقلّ عن سبعة من الصهاينة الغاصبين، سوى الجرحى والمعاقين، زاعمًا أنّها عملية إرهابية؛ لكونها – في زعمه – استهدفت مدنيين، ولم تستهدف عسكريين، ولن أقف عند حقيقة مفادها أنّ هؤلاء المستوطنين جنودٌ حقيقيّون في الجيش الصهيونيّ، لن أقف عند برغم ظهورها وتسليم الكافّة بها؛ لأنّني أريد تأصيلًا لهذه المسألة أكثر عمقًا وشمولًا وجذريّة.
وأبدأ بتقرير المبدأ الذي يزايدون عليه، ويزعمون – جهلًا بالحقيقة أو تجاهلًا لها – أنّ إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو الذي أبدع هذا المبدأ إبداعًا، بينما الذي يجهله البعض ويتجاهل البعض هو أنّ الإسلام هو الذي قرّرَ هذا المبدأ أولًا؛ فإنّ العلماء أجمعوا – استنادًا على النصوص المتوافرة – على عدم جواز قتل النساء والأطفال والرسل، وعلى هذه الشرائح الثلاثة قاسَ الجمهور من العلماء – بجامع عدم قيام الحرابة – كلَّ من لا يتأتّى منه القتال (المدنيين)، وفرقوا من ثمّ بين موجِب القتال وموجِب القتل، فأمّا موجِبُ القتال فهو قيام فتنة الكفر والشرك، وأمّا موجِبُ القتل فهو اجتماع الحرابة إلى الكفر، هذا هو حكم الله الذي استقرّ؛ لذلك كان مقصد الجهاد هو إماطة الفتنة: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ)، ولذلك أيضًا وجدنا الحقّ تبارك وتعالى بعد أن أمر بقتال المشركين في آية السيف من سورة التوبة يقول: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَاّ يَعْلَمُونَ).
لكنّ السؤال هنا: هل صحيح أنّ المستوطنين مدنيّون؟ والإجابة بكلّ تأكيد: كلّا والذي رفع السماء ووضع الميزان، ليسوا بمدنيّين ولا عصمة لدمهم ولا حرمة لهم في نفس أو مال، وهذا ينطبق على رجالهم ونسائهم، ولا يستثنى إلا الأطفال والصبيان غير البالغين؛ لأنّهم – ولو لم يلتحقوا بالجيش – مغتصبون محتلون، لأنّهم تركوا بلادهم وديارهم وجاءوا ليستوطنوا بلاد الإسلام وأرض الإسلام على وجه الغصب، ولولاهم ما نجح المشروع الصهيونيّ؛ لأنّ هذا المشروع الخبيث قائم على محورين: الاحتلال والاستيطان، الاحتلال من قبل الجيش والاستيطان من قبل المدنيين، فهم جزء من المشروع الصهيونيّ، فلا عصمة لهم ولا حرمة لدمهم، فهم ودماؤهم وأموالهم هدر في نظر الشريعة، حلال للمجاهدين إذا ظفروا بها.
بل إنّ الفتوى الشرعية تذهب لأبعد من هذا – ولاسيما وقت احتدام الحرب – ونصُّ الفتوى: “يجب على المسلمين في كلّ بقاع الأرض أن يشاركوا إخوانهم في فلسطين وغزة جهادهم ضد الغاصب المحتلّ؛ لأنّه جهاد دفع؛ وعليه فمن لم يستطع وحيل بينه وبين الوصول إلى فلسطين، ثمّ تهيّأ له الجهاد بأن ظفر بأحد الصهاينة المستوطنين أرض الإسلام في أيّ مكان وجب أن يستهدفه، بشرط أن يكون صهيونيًّا مستوطنًا أرض فلسطين، ولا يحل استهداف أحد من الناس لمجرد أنّه يهوديّ”، فإن لم تكن يا ابن عيسى عالمًا بهذه الفتوى – ولا أحسبك تفهم يومًا – فعلى أقلّ تقدير لا تُحَرّم على أهل فلسطين قتلهم وهم متلبسون بالاحتلال قائمون على الغصب لأرض الإسلام ولديار المسلمين، ولا تَحْرِمْهم من حقّ الممانعة والدفع، أم إنّك صهيونيّ كسيدك الذي تلعق حذاءه بهذا الهذيان؟!
اقرأ أيضا: