الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعدُ:
فإن الدعوة إلى الله تعالى لها أساليبُ وطُرقٌ ووسائل، تتنوَّع بتنوُّع الغايات والمقاصد والأهداف.
فمن الغايات المنشودة، والأهداف المرجوَّة:
الامتداد الأفقي، والنمو والتوسُّع، وتكثير عدد الملتزمين الذين يحملون همَّ هذا الدين.
ومنها: النمو الرأسي العمودي بتربية هؤلاء الأفراد وصقْلهم وتعليمهم.
ومنها: إصلاح المجتمع وتهذيبه، وتَزْكيه المسلم وتطهيره، وإظهار الشعائر الصحيحة في الأمة.
ومنها: توعية الأمة وتبصيرها، وتَعْبئتها، ورفْع الوهَن الجاثم على صدرها.
ومنها: الاهتمام بأحوال المسلمين في الداخل والخارج، وإيقاظ هذا الشعور عند المسلمين.
وجماع هذه الغايات: انتصار الإسلام وظهوره، والتمكين لهذا الدين، وتعبيد الناس لله ربِّ العالمين، والعودة بالحياة إلى شريعة الله؛ لتُساس بها، وتُنظَّم بأحكامها وتعاليمها، والذي نرمي إليه من وراء هذه الغاية العظمى وهذا السعي الدؤوب، هو إرضاء الله تعالى، والتعبُّد له بذلك، والفوز بالجنة، والفرار من النار.
كل هذه الغايات – كما أسلفنا – لها ما يناسبها من الوسائل والأساليب والطرق، وإن من الأساليب المؤثرة بلا شكٍّ:
تعريف الدعوة الفردية:
التوجُّه بالدعوة إلى فرد، أو مجتمع قليلٍ، لهم صفة الخصوص دون العموم، ويكون ذلك على انفراد، وبأسلوب ملائم لهم؛ فهي دعوة خاصة وليست عامة، وهي على انفراد، وليست على المَلأ.
وهذا الأسلوب اتَّبعه الرسول – صلى الله عليه وسلم – في مهْد دعوته، وسلَكه معه أصحابه الأوائل، وبخاصة أبو بكر – رضي الله عنه – الذي أسلم على يده بهذا الأسلوب كثيرٌ من أفراد الرعيل الأول – رضوان الله عليهم جميعًا.
أهمية الدعوة الفردية:
الدعوة الفردية لها أهميَّة كبيرة من حيثيَّات متعددة؛ منها: أنها من الأساليب الناجحة في امتداد الدعوة أُفقيًّا، واتِّساع رُقعتها، ومنها: أنها من الأساليب الناجحة أيضًا في تربية المدعو على عين الداعية، والارتقاء بفَهمه وعلمه والتزامه.
ومنها أيضًا أنها مناسبة لكلِّ مراحل الدعوة، وملائمة لكل ظروفها؛ فهي لا تتوقَّف لا في الرخاء، ولا في الشدة والبلاء، بل قد يمرُّ على الدعوة ظروف وابتلاءات، فلا يبقى إلا هذا الأسلوب.
ومنها: أنها عمل دعوى في متناول أكثر رجال الدعوة، فلا يعز إلا على القليل، بل لا يكاد يعزُّ على أحد عرَف الدعوة وأحبَّها، وأخلص لها.
وأخيرًا فهي تُحرِّك كل رجال الدعوة، فلا يبقى منهم أحد لا يجد له دورًا يُؤدِّيه.
يُتبع..