من مظاهر يسر الشريعة .. وفرة البواعث التي ترفع الهمم وتحمل الناس على العمل

يجب على الإنسان أن يعرف حق الله تبارك وتعالى عليه، وأن يقوم بواجب الطاعة والعبودية لربه -عز وجل، وألا يغفل عن الوظيفة التي خلق لها وهى التي حددها القرآن تحديد دقيقًا وواضحًا إذ يقول: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[1]. ولا عذر للإنسان بعد تمام البلاغ وإكمال البيان.

ولو أن الله عز وجل – إذ أمر عباده بما أمرهم به – خبأ عنهم ثواب استجاباتهم وعقاب إعراضهم ثم فوجئوا يوم القيامة بأنهم محاسبون على أعمالهم مجزيون بالإحسان إحسانًا بالإساءة نيرانًا ما كان ظالمًا ولا باخسًا حقا من حقوقهم.

ولكن الله عز وجل – بمقتضى حكمته وبمحض رحمته وفضله – فتح لعباده كتاب الدار الآخرة فاطلعوا فيه على احداث هذا اليوم وأشرفوا منه على مواقفه، وبسط لهم الترغيب والترهيب وصرَف لهم من الوعد والوعيد، فإذا البعث والنشور والحشر والموقف والحساب والميزان والكتب والصراط والجنة والنار كلها مشاهد حاضرة في ضمير المؤمن حية في وجدانه تحمله على الطاعة حملًا وتدفعه عن المعصية دفعًا. فهذه – بلا شك – وسيلة عظمى من وسائل حمل الإنسان على الطاعة وإعانته على نفسه وغرس التقوى في قلبه والتذكر في وجدانه قال تعالى ﴿ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾[2].

وفى الإسلام وسائل أخرى كثيرة تحمل الإنسان على جناحها إلى شاطئ سلامته ومستقر أمنه وسعادته. منها الوعد الصادق بسعادة الحياة وطمأنينة العيش لمن استجاب لأمر الله، والوعيد الأكبر لمن أعرض بالضنك والشقاء في الدنيا قبل الآخرة، والبيان الجلي لمحاسن الإسلام وقبائح الجاهلية.

ومنها التفصيل الطويل لمصائر الأمم المكذبة والشعوب الخاطئة. ومنها لفت الأنظار إلى قدرة الله في النفس والآفاق. ومنها الكشف عن صفات الكمال ونعوت الجلال لله تبارك وتعالى. ومنها الإشارات المجملة والمفصلة إلى نعم الله تعالى على الإنسان. إلى غير ذلك من الوسائل التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله مفصلة بأساليب متنوعة.

هذه الوسائل تزدحم حول النفس الإنسانية فتحملها من أقطارها وترفعها من وهدتها وتطير بها طيرانًا إلى حيث تدرك أمنها وسلامتها وسعادتها في واحة الإيمان وتحت دوحة التقوى وعلى نهر اليقين.

وعندما تكون شريعة الله تبارك وتعالى سهلة هينة لا شدة فيها ولا آصار، ثم تتوافر الوسائل التي تعين الإنسان على الأخذ بهذه الشريعة والعمل بها فهل يبقى أدنى شك في يسر الإسلام؟ وهل تبقى أدنى ريبة في ممازجة رحمة الله تعالى لأصل هذا الدين وتخللها لأغصانه وأفنانه؟

[1] [الذاريات: 56].

[2] [طه: 113].